عبدالله قمح – ليبانون ديبايت
حين إغتيل رفيق الحريري في بيروت، وضعت النائبة بهية الحريري “المنديل” على رأسها و تقدّمت إلى الأمام لتحتلّ موقعاً في المواجهة، ولم تُسلّم بإخراج “الحريرية السياسية” من المشهد، وهي العالمة بأدقّ تفاصيل المشروع، وحين كان القدر لا مفرّ و قد بات مقدّراً خروج سوريا من لبنان قالت لسامعين الصوت: “ليس وداعاً سوريا بلّ إلى اللقاء سوريا”.
يومذاك، أُعلن سعد الحريري وريثاً للجماعة السياسية السنّية في أوج تعاطفها مع قريطم، وكانت “العمّة المفجوعة” أول من قلّده وسام البيعة، ومنذ ذاك التاريخ حصلت هبّات ساخنة وأخرى باردة كرّست “العمّة” وصية على حال ليس إبن الأخ ،وإنما إرث الشهيد.
حين لاح الخطر على أبواب بيت الوسط ذات تشرين، تدّخلت “العمّة” وكان لتدخّلها وقعه. وقفت في باحة قصرها في صيدا ترفض الإجهاز على إبن شقيقها عبر استقالةٍ “مشبوهة” دوّنت حروفها في الرياض، وفي المضمون كانت ترفض حالة وراثة إبن شقيقها من قبل شقيقه وهو حيّ، واستمرت على موقفها حتى بلغت حدود إسقاط الحرم على الوريث الجديد، وحين غدا إبن الشقيق مقتنعاً بضرورة خروجه من المشهد، عملت على “تليين” موقفه دون جدوى، وساعة وجدت أن الأمر لا مفرّ منه وما كُتب قد كُتب، عادت وتقدّمت الصفوف لتترأس مشروع صون “إرث الأخ”.
وهكذا، مضت خلال الساعات والأيام التي تلت غياب سعد الحريري، لتعبئة الفراغ من دون مشاركة من أحد، ولا بدّ أنها أذاعت أنه وفي غياب الوريث الشرعي، فإن حال الرعية لا يجدر أن تكون مشتّتة، وموقعها الذي تتقدّمه حالياً لا ينمّ عن رغبة في وراثة أية حالة وإنما المحافظة على الحالة حتى تعود الأمور للإنتظام مجدداً.
من هنا، كان لا بدّ من “العمّة” أن تأخذ دوراً ما في مجال صون موقع اللواء عماد عثمان كمدير عام لقوى الأمن الداخلي، في وجه تحرّك القاضية غادة عون تبعاً لوضعية القتال على ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ليس –كما يقول المقربون منها- من زاوية الدخول “بين الجارة و الكنّة”، وإنما إنطلاقاً من صون الموقع السنّي أمام حالات الإستفراد به. ويُعتقد على نطاقٍ واسع، أن بعض أصحاب الشهوات المفتوحة على المواقع السنّية، يعتقدون أن الفرصة حانت للتقدّم نحوها بفعل حالة العطب السياسي التي تسود “الرعية السنّية”. وهنا تعتبر النائبة الحريري من واجبها الذود عن تلك المراكز، لموقعها النيابي أولاً وموقعها الوجداني ثانياً، وبفعل غياب الراعي الأساسي وللضرورات العظام في “تسكير الفراغ” حتى تعود الأمور إلى نصابها.
ولا بدّ في مقبل الأيام أن يكون لدخول “العمّة بهية” حيّزاً أوسع كما يعتقد كثيرون، سيّما حين تكثر الأزمات داخل البنية ليس التنظيمية وحسب بفعل سريان المفعول الإنتخابي، وإنما الشعبية أيضاً بفعل حالات التقدّم التي تشهدها الجبهات، من الجنوب إلى الشمال، ولا ريب ونظراً لما تقدّم، أن البعض من “أيتام التيّار الأزرق” بات يجد ضالّته في السيدة بهية لما تحمله، وإلى حدٍّ ما، ينظر إليها البعض نظرة “المرجعية البديلة” حتى حلّ معضلة “المرجعية الأصيلة”، وإلى ذلك الحين ستبقى بنظر هؤلاء السيدة بهية وصيةً على الموقع وملجأً لكثر. لكن هل سيؤدي ذلك إلى إعلان “مجدليون” مركزاً للقيادة السنّية المرحلية أو مركزاً للقرار؟
في المقابل، يعتقد البعض أن حالة التراخي السنّي وضمنياً داخل تيار “المستقبل” تزيد من حالات مدّ اليد على الموقع، وبالتالي تصبح السيدة بهية وأمثالها ملزمون بصون تلك المراكز وعدم السماح بتفلّت البيئة وتشظّيها إلى أكثر من فريق سياسي يطمح للوراثة وجرّ السنّة عامةً في بوتقة واحدة، وما يعزز من نظرية إعادة ترتيب الصفوف وضرورتها، ليس فقط عدم كفاءة بهاء الحريري حيث هو، وإنما احتمالات فشله التي ستزيد ولا بدّ أن تزيد الأمور تعقيداً.